تجربة سيدة خلال زيارتها الى القدس الشريف
رحاب الـقـدس الشـريـف
أمل كل المسلمين في بقاع الأرض أداء فريضة الحج والصلاة بالمسجد الأقصى، بالقدس الشريف، بلاد الأنبياء والرسل، وكان المغاربة كلما عزموا على أداء فريضة الحج برمجوا زيارة القدس للصلاة بالمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة المشرفة، وبذلك يحقق الحاج حلم الصلاة في المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، الحرم المكي والمدني والقدسي، حيث أسري بالرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وكان أمر ذلك متوفرا عندما كانت القدس تحت حكم العرب في فلسطين والأردن، إذ كانت زيارتها لا تشكل أي عائق أو مشكل لأي زائر، لكن بعد حرب الستة أيام، في يونيو 1967، وهزيمة المسلمين في حرب شرسة، واستيلاء الإسرائيليين على العديد من المدن الفلسطينية، ضمنها القدس، لم يعد أمر زيارة القدس ميسرا ولا سهلا، ولم يعد بإمكان أي حاج أو معتمر أن يعرج على القدس للصلاة بالمسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين.
كانت زيارة القدس تشغلني باستمرار، لكن كيف يمكن تحقيق ذلك، تتعذر الرحلة والوسيلة، والحلم يراودني في كل وقت، وتتأجج الرغبة في أعماقي للزيارة كلما رغبت في أداء مناسك العمرة، لكن ما الحيلة التي يمكن التوسل بها لتحقيق ذلك؟
كان للصدفة دور عجيب في تحقيق حلم يعـزّ الإمساك به حقيقة، لكن حدث ما لم يخطر على البال، عندما أخبرتني سيدة فاضلة في حفل خيري أقيم بمدينة الرباط عن زيارتها للقدس الشريف، في ظروف طيبة، وأطلعتني على صور زاهية بساحة المسجد الأقصى تحتفظ بها في هاتفها النقال، فالرحلة كانت بمبادرة من شركة سياحية رُخِّصَ لها بذلك.
أسئلة كثيرة طرحتها على هذه السيدة: كيف تم ذلك؟ ومن كانت له الجرأة للقيام بتنظيم رحلة إلى تلك الديار؟ فكانت أجوبتها حافزا للتفكير جديا في تحقيق الحلم، وزيارة القدس الشريف، فخيوط الرحلة لم تعد خافية ولا مستبعدة، ومن ثم بدأت الأسئلة تتناسل عن الشركة التي تؤمن الرحلة، وعن شروط ذلك وظروفه، وكان السؤال والتساؤل هاجسا أرقني أياما وليالي لأتصل أخيرا بالشركة المخوّل لها القيام بالرحلة.
وفعلا، تـمّ التسجيل بهذه الشركة، التي برمجت رحلتها من يوم 4 جمادى الثانية 1437/ 14 مارس 2016 إلى غاية يوم 25 جمادى الثانية/ 4 أبريل، وتضمنت الرحلة ثلاث رحلات: زيارة الأردن، المحطة الأولى، فلسطين/ القدس الشريف، المحطة الثانية، وأداء مناسك العمرة، المحطة الثالثة. إنها رحلة ممتدة في الزمان والمكان، فالتنقل بين هذه المناطق متعب دون شك، لكن لا مجال للتردد.
كان الوفد الذي انتسبتُ إليه يضم تسعة وعشرين فردا من مدن مغربية مختلفة، أقلتنا الطائرة من مطار محمد الخامس مساء يوم الاثنين 14 مارس إلى الدوحة، ومنها إلى عمان التي وصلنا إليها صباح يوم 15 مارس، ونزلنا بفندق “القدس الدولي” بمنطقة شارع الملكة رانيا العبد الله وشارع الجامعة الأردنية، وكانت عمان البلدة الجميلة محطة علينا الوقوف عندها لعبور الجسر فيما بعد ذلك، وانتظارا للموعد المحدد لزيارة القدس، نظمت لنا رحلة إلى جبل نيبو، الذي يبعد عن عمان بأربعين كيلومترا، وهو من العصر الحديدي، أي 1200 سنة قبل الميلاد،
وقيل إن به مقام النبي موسى عليه السلام، كما يعتقد أن به قبره، وقيل بهذا الجبل عيون موسى التي ذكرها القرآن الكريم “وضرب موسى بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا”، لكن نشفت هذه العيون إلا واحدة لا تزال تتدفق مياها من شجرة ممتدة تسقي المنطقة كما يذكر المرشد السياحي.
وبهذا الجبل انتصبت أعمدة كتب على بعضها جبل نيبو مقام النبي موسى، وعلى بعضها: الله محبة، دعوة السماء ورسالة الأنبياء. أماكن مقدسة كثيرة بهذا الجبل، منها شجرة كبيرة يعتقد الناس ببركتها، فيربطون عليها مناديلهم أملا في تحقيق أمنياتهم. و
بالمنطقة متحف يضم صورا ولُقـىً أثرية وأحجارا وقوارير وقطعا فسيفسائية تمثل حياة سكان المنطقة التجارية واليومية وحيواناتهم وغيرها، وخريطة تمثل طريق الرحلة من جبل نيبو إلى القدس.
وينتصب بالجبل نصب يمثل عصا يبلغ طولها أربعة أمطار، قيل إنها تمثل عصا سيدنا موسى، التي اشتهر أمرها في القرآن الكريم، ويذكر المرشد السياحي أن النبي موسى اطلع من جبل نيبو إلى أرض فلسطين المباركة وبها القدس الشريف.
وتباعا قمنا بزيارة منطقة أثرية سياحية أخرى هي قرية الرقيم (كما تعرف برجيب) حيث يوجد كهف يضم قبور ومدافن أصحاب الكهف، وبقربهم دفن كلبهم، كما ورد في القرآن الكريم (سورة الكهف)، وقد عمل ملك الأردن على تشييد مسجد بقرب الكهف أطلق عليه اسم مسجد أهل الكهف، ويضم مرافق دينية وثقافية وقاعات وحدائق، افتتح بتاريخ 26 /9 / 2006.
وفي اليوم الموالي، أي يوم 16 مارس، قمنا بزيارة البتراء، وتعرف أيضا بـ”المدينة الوردية”، تبعد عن عمان بـ 225 كلم، تابعة لمحافظة معان، وهي قرية من درجة راقية، وعاصمة الأنباط ، وتمثل حياتهم منذ مئات السنين.
وقد تـمّ اكتشاف هذه المنطقة سنة 1812 من طرف عالم سويسري. يمتد طول الأثر التاريخي مسافة 50،1 كلم، ذهابا وإيابا، صخور منحوتة ومرتفعة جدا في شكل نقوش تبهر العين، طريق طويل بين جبلين بانعراجات على الزائر الحذر منها، والمنطقة أثرية تاريخية وسياحية صنفت ضمن التراث العالمي التابع لليونسكو سنة 1985، كما تـمّ اختيارها واحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة سنة 2007.
من أكبر مبانيها المسرح المنحوت بالصخر لإحياء احتفالات سنوية تهدف إلى التعريف بها وبأهميتها الدينية والتاريخية، وقد احتفلت الكثير من المسرحيات والأعمال الدرامية الأردنية والعربية بالبتراء، أهمها مسرحية “البتراء” التي ألفها الأخوان رحباني وغنتها فيروز ونصري شمس الدين وآخرون، وكذلك مسرحية “صدى الصحراء” وتتغنى بأمجاد البتراء وحكايتها مع الزمن.
وفي طريق العودة إلى الفندق، مساء، زرنا مدينة الكرك حيث يوجد مقام الصحابة جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة.
كانت جولات متعبة، خاصة وقد صادفنا جوا باردا وأمطارا يذكر أبناء البلدة أنهم كانوا ينتظرونها منذ مدة، ومع ذلك لا بد مما ليس منه بـد.
ادا نالت القصة اعجابكم اخبرونا في التعليقات لنضع التتمة وشكرا للقرائة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire